الرومانسية فى الحياة الزوجية

الرومانسية فى الحياة الزوجية


احترم جداً حب الشباب الذى ينتهى بالارتباط بالزواج .. ولكن أحترم أكثر وأقدر جداً جداً حب الزوجين الذى يدوم مدى العمر والحياة ، مكللا بالتوفيق والتفاهم ، مزداناً بالرومانسية المتجددة ، متغلباً على كل الصعوبات والمشاكل التى تتعرض لها سفينة الحياة المشتركة لأيام طويلة، وما أكثر الأنواء والعواصف التى تعصف بالأسر على مختلف المستويات الاجتماعية والثقافية

وإذا كان تقديرى واحترامى هذا نابعاً من إيمانى العميق بأن الحب الطاهر الخالص النقى هو أسمى ما فى الوجود لكى يربط كل زوجين .. فإن درجات تقديرى واحترامى هذا قد زادت وارتفعت جداً عندما صدمت من أرقام الاحصائيات التى وضحت أعداد حالات الطلاق، وحالات الخلع خلال السنوات الأخيرة .. فهى مهولة .. لكننى لا أريد أن اتعمق فى نكد هذا الموضوع، وفضلت أن أقوم ابحث عن الحب .. ليس كل حب .. بل بالتحديد الحب بين الزوجين .. الحب والرومانسية بعد انقضاء سنين من العشرة الطويلة بينهما .. وهل يمكن الحفاظ على هذا الحب ، وتلك الرومانسية ، سواء كانا قد سبقا الزواج ، أم تولدا بعد الارتباط بالزواج؟

شكل الحب

لاشك أن شكل الحب قد تغير، مع تغير سمات الحياة اليومية فى مختلف المجتمعات ، وفى مختلف بلاد العالم ، لكن كيان الحب، ومعطياته ، وملامحه النبيلة لا تتغير ولا تتبدل، بل يتجدد فى جماله وحلاوته، بشرط أن نعرف كيف نتعرف عليه، وكيف نجدده لكى يستمر ، ويدوم بطول العمر مع شريك الحياة والعمر.

أن الحب بين الزوجين لهو ينبوع عميق، معطاء ، وفياض .. قد يتعكر للحظات ، لكنه وبالحكمة وحسن التصرف ، مع لمسات من الرومانسية، وتجدد الفكر، يعود ويصفو ، يعود ويتجدد، يعود ويستعيد دماء شبابه ، فيتجدد ينبوعه، وفيضه.. ويغنى الزوجان معا بسعادة حبك شباب على طول.

لا تتعجبى عندما اؤكد لك أن الحب الرومانسى - لكنه عاقل ومتزن - بين الزوجين ، لا يكون فقط بين الازواج الشباب ، بل أنه يمكن جداً أن يدوم منتعشاً ومتألقاً بينهما حتى نهاية اعمارهما الطويلة ، فى رحلة حياة مشتركة مديدة وحتى يصيرا كهلين يتساندان .. أى أن السن «مالوش دعوة» بالرومانسية ، والحب الدافئ، على طريقة «كيوبيد» .. صحيح أن «كيوبيد» يكون معهم «عاقل» و«حكيم» ، لكنه فى النهاية ، كيوبيد بدفء القلب، ولمسة الرومانسية ، وتعمق الاحاسيس ايضاً ، هذا الحب البناء ، الرقيق ، لا يشترط أن يكون «بالغنى أو بالفقر» .. صحيح أن «المعيشة المستريحة »، تقلل كثيراً من حالات النكد ، وتختصر كثيراً من المشكلات.. لكن فى النهاية يتغلب الحب منتصراً ، ليس كما الافلام المضروبة، ولكن بحقيقى حقيقى.

الرومانسية والقمر زمان

لكن لنتعرف بالواقع والحقيقة .. وهى إذا كان الحب لم يتغير فى كيانه، فإن الرومانسية قد تغيرت كثيراً عما كانت عليه فى الماضى تغيرت حتى لقد غيرت من الملامح الظاهرية لكيان الحب.

كانت الرومانسية زمان «أجئت تطلب ناراً أم ترى جئت تشعل البيت ناراً ، و «بالروح ليلى قضت لى حاجة «بعدها» ، وما تقوللى يا قمر فهمنى يا قمر «بعدها» وأنا والعذاب وهواك عايشين لبعضينا .. بعدها «شايفة القمر يا ليلى» .. و «أنا والنجــوم صاحبين» .

أما حال الرومانسية فى زماننا الحاضر، فقد هبطت بابصارها من التشعلق نحو القمر ، والنجوم ، إلى التعلق بأذيال ، بقايا أى ملمح جميل فى مظاهر الحياة اليومية الطاحنة ، ليهرع إليه كل اثنان متحابان ، سواء كانا مرتبطين رسمياً بالزواج ، أم يحلمان بالارتباط فى «يوم من الأيام» على رأى فناننا الرومانسى الرقيق عبد الحليم.

رومانسية سنوات مضت

وعلى ما أذكر أنه فى عيد من أعياد الحب، منذ أكثر من خمسة عشر سنة، سألت عدداً من الأزواج والزوجات السعداء كيف يعملون على تجديد عوامل الحب، والرومانسية بينهما ، على مدى السنين الطويلة من الزواج والانجاب وتربية الأبناء بالرغم من انهم ليسوا من الطبقات الراقية أو الثراء ، فاجمعت الاراء على ما يأتى حرص كل زوجين على أن يضع الشريك شريكه فى الحياة فى نقطة تركيزه مع استبعاد العالم الخارجى، وذلك بالتفكير فى أسلوب جديد للتعبير عن مشاعره الصادقة . بمعنى أنه المقصود بالجديد، الابعاد عما هو متعارف عليه كروتين ممل، مثل طبع قبلة على الخد قبل التوجه إلى الخارج، بما يشبه طبع خاتم البريد البارد على الصدغ.

زيارة نفس المكان الذى التقيا فيه لأول مرة، فى يوم ذكرى زواجهما لكى يستعيدا الذكريات الجميلة.

الحرص على تخصيص وقتا محددا - سواء يوميا حتى ولو لعدة دقائق أو التمشية فى أمسية يوم الاجازة الأسبوعية للتركيز منفردين على الحوار الهادئ، واستعراض اطوار علاقتهما الشخصية، بغرض تصفية الأجواء بينهما أولا بأول، وكل هذا حول شرائح الكيك المنزلى اللذيذ، أو أطباق الحلوى المفضلة لكليهما والمشروبات المفضلة، وتنتهى الجلسة المرحة على تصبح على خير يا حبيبتى .. أقصد يا حبيبى» على رأى فريد الأطرش، فى زمان الجميل.

الرومانسية حديثا

وبنفس الهمة، وحب الاستطلاع الصحفى، سألت مجموعة جديدة من الأزواج السعداء، من بعد سن الشباب، ظاهريا، لكنهم والحق يقال فى سن «حبك شباب على طول» ومن تغريداتها كما الوصافى :

أدبى أمى بالعيال، مرة واحدة فى الشهر، وأخذ زوجتى على «الماكينة» «يعنى الفسبا» ونطلع يوم اجازة الأسبوع على أى ركن فى «غيط» أو جنينة ونقضى كم ساعة نحكى، بشرط «مافيش» نكد ولا سيرة مشكلة، ونرجع صافين من العتاب الرايق لكل ما حدث بيننا طوال الشهر .

مخصص يوم كل أسبوعين ثلاثة، لنجمع الأبناء وأسرهم، ونأكل مع بعض اللقمة المقسومة، وبعدها نسهر ندردش، لأن الدردشة تريح، وتجدد، خصوصا لما الكل يروح بيته راضياً ومتمتعاً بحنان الوالدين.

قارئتى العزيزة ، وهكذا سواء كان زمان، أم الآن فإن أساس تجديد دم الحب بين الأزواج يستلزم تخصيص وقت للحوار، والتفاهم، والتقارب، فهل ممكن الآن؟