النويضي: لن يقع أيّ تغيير في المغرب باستمرار الحكومات الائتلافية
النويضي: لن يقع أيّ تغيير في المغرب باستمرار الحكومات الائتلافية
بعد منع الندوة من الانعقاد في نادي المحامين بالرباط، لم يجد أعضاء جمعية "الحرية الآن" غير التوجه ليلة أمس إلى مقرّ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من أجل إنقاذ هذا الموعد الخاص بمناقشة واقع حرية الصحافة والتعبير بعد ثلاث سنوات من دستور 2011، ورغم اكتظاظ القاعة لدرجة أن ضيوفاً لم يجدوا مكانا شاغراً، إلا أن ذلك لم يمنع المُحاضرين من توجيه رسائلهم القويّة للسلطة بالمغرب.
فللمرة الثانية في ظرف أيام قليلة، تُحرم الجمعية من مزاولة نشاط عمومي لها، بعد منع الوقفة التضامنية مع صحافيي قناة الجزيرة المتابعين بمصر، وهو ما أدى بالمحاضرين: عبد العزيز النويضي، محمد مدني، فاطمة الإفريقي، أحمد بوز، محمد الزهاري، عبد الله أفتات، ومنشط الندوة توفيق بوعشرين، إلى استهجان قرار المنع الجديد، واصفين إيّاه بالانتهاك الجديد لحريّة التعبير بالمغرب.
"هذه الحكومة تحتاج بنفسها إلى استقلالية، فهي غير واثقة من نفسها، ولديها رغبة كبيرة في التطبيع مع من يفوقونها سلطة في الدولة" هكذا لخّص عبد العزيز النويضي، الحقوقي والأستاذ الجامعي، طبيعة انتظارات الصحافيين من الدولة في مجال احترام حرية الرأي والتعبير، فنحن نعيش في دولة ميزان قوى، وليس دولة ديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه.
وأشار النويضي إلى أن الدولة تحاول تسويق نفسها كنموذج مستقر في المنطقة، إلا أن شركاءها، خاصة في الاتحاد الأوربي، يعرفون أنه نموذج هش إلى حدٍ بعيد، وأن استقرار المغرب لا ينفي توفّر عناصر السخط والانفجار، معتبراً أن استمرار سياسات الحكومة الحالية، قد يُنتج غضباً شعبياً في يوم قريب لن تكون لها القدرة على لجمه، وأن الحل لا يمكن أن يأتي، إلا عبر تغيير نمط الاقتراع:" لن تقدر أي حكومة على تقديم الإضافة ما دامت ستبقى في كنف التشكيلة الائتلافية".
وعودة إلى موضوع الندوة، فقد أبرز النويضي، الذي سبق أن شغر وظيفة مستشار الوزير الأول في حكومة التناوب، أن الدولة تُحاول التحكّم في الإعلام ليقينها من عدم إمكانية ثلاثة حلول أخرى لتثبيت همينتها: عدم قدرتها على إشباع حاجيات المواطن، عدم قدرتها على توفير الديمقراطية، ووعيها بأن العنف لن يقدّم النتيجة.
وبالتالي، يستنتج النويضي، فإن هذا السعي في التحكّم في الإعلام يظهر في تعدد العناوين الصحفية حالياً بينما تتقلّص التعدديّة الحقيقية عكس ما كان عليه الحال سابقاً عندما كانت التعدديّة موجودة والعناوين قليلة، ويظهر كذلك في استمرار الخرق المستمر لأساسيات الإعلام العمومي الذي لا زال تحت الوصاية السياسية، وكذلك في المجال القضائي الذي يُستعمل للتضييق على الصحافيين.
ولم يبدِ المتحدث تفاؤلاً كبيراً بالمدونة التي تعكف عليها وزارة الاتصال والخاصة بالصحافة والنشر، وهو أحد أعضاء لجنتها العلمية، فإن عملت الدولة على احترامها، فإنها ستُطبّق على الصحافيين قوانين من خارجها كما وقع لعلي أنوزلا، مُقدماً لخلاصة عامة مفادها: أن تغيّر أحوال الإعلام المغربي يجب أن يكون موازياً مع تغيير سياسات الحكامة الأمنية، وكذلك سياسات أكبر حزب في المغرب، ويعني فيه وزارة الداخلية.
الندوة ذاتها عرفت تواجد محمد الزهاري، رئيس لجنة التضامن مع السجين مصطفى الحسناوي، وكان أول ما بدأ به المتحدث، هو كيل بعض الانتقادات إلى منشط الندوة، توفيق بوعشرين، مدير نشر جريدة أخبار اليوم المغربية، حيثُ عاد الزهاري إلى العناوين التي ظهرت في الجريدة عشيّة التصويت على الدستور الجديد، ومنها ما جاء على شكل:" الملك يُسقط النظام" و"الدستور الجديد: الوفاة الثانية للحسن الثاني"، ليقترح الزهاري عنوانين آخرين:" الملك أحيا النظام" و"الدستور الجديد يحيي الحسن الثاني".
وأشار الزهاري الذي يرأس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، إلى أن الدستور الجديد عقّد الحياة السياسية وعملية توزيع الصلاحيات بين الجهاز التنفيذي والمؤسسة الملكية، مبرزاً أن المغرب لا يمكن أن يكون بلداً ديمقراطياً إلا باحترام حرية الرأي والتعبير، وهو ما لم يتحقق، دليله في ذلك حالة علي أنوزلا التي لم يتم طيّها بعد، وحالة مصطفى الحسناوي الذي يقبع في السجن رغم صدور قرار أممي عن فريق الاعتقال التعسفي، يقضي بإطلاق سراحه.
النجاح بريس / هسبريس